خطوة إلى عالم لا حدود له من القصص
الرواية
في ليلة من ليالي ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة للهجرة، كانت مدينة باجة بالأندلس يلفُّها ظلام دامس بعد أن ظهر القمر في طليعة الليل قليلًا، يرسل شعاعه في رعدة وضعف، حتى إذا دنا من الغرب، التقمته لُجَّة الليل، فغاص فيها وترك وراءه المدينة في تجهم وسكون وحداد، وكانت الرياح تعصف من الجنوب والشرق شديدة عاتية، فتسوق السحائب أمامها بسياط من البروق، وتزجرها بهزيم من الرعد غاضب عنيف، وكانت النجوم لا تكاد تطلُّ من بين ثنايا هذه السحائب الراجفة المسرعة حتى تختفي، كأنها لمحات الأمل الكاذب يلتمع في سواد الخطوب، أو تلويح الغريق جاءه الموج من كل مكان، فهو يرسب ويطفو، حتى يحول الموج بينه وبين الحياة. فزع الناس إلى بيوتهم في هذه الليلة الليلاء، والتجأ المسافرون إلى فنادقهم، وخلت الدروب من السابلة، فلا يجد المطل من خلال نافذته، إلا العسس والحرَّاس يذهبون ويجيئون، وبأيديهم العصي الغليظة يضربون بها الأرض في عنف وقوة، حتى يعلم من لم يكن يعلم من اللصوص وقطَّاع الطرق، مقدار صولتهم ومدى فتكهم.
© 2024 وكالة الصحافة العربية (كتاب ): 9789779917597
تاريخ الإصدار
كتاب : ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٤
الرواية
في ليلة من ليالي ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة للهجرة، كانت مدينة باجة بالأندلس يلفُّها ظلام دامس بعد أن ظهر القمر في طليعة الليل قليلًا، يرسل شعاعه في رعدة وضعف، حتى إذا دنا من الغرب، التقمته لُجَّة الليل، فغاص فيها وترك وراءه المدينة في تجهم وسكون وحداد، وكانت الرياح تعصف من الجنوب والشرق شديدة عاتية، فتسوق السحائب أمامها بسياط من البروق، وتزجرها بهزيم من الرعد غاضب عنيف، وكانت النجوم لا تكاد تطلُّ من بين ثنايا هذه السحائب الراجفة المسرعة حتى تختفي، كأنها لمحات الأمل الكاذب يلتمع في سواد الخطوب، أو تلويح الغريق جاءه الموج من كل مكان، فهو يرسب ويطفو، حتى يحول الموج بينه وبين الحياة. فزع الناس إلى بيوتهم في هذه الليلة الليلاء، والتجأ المسافرون إلى فنادقهم، وخلت الدروب من السابلة، فلا يجد المطل من خلال نافذته، إلا العسس والحرَّاس يذهبون ويجيئون، وبأيديهم العصي الغليظة يضربون بها الأرض في عنف وقوة، حتى يعلم من لم يكن يعلم من اللصوص وقطَّاع الطرق، مقدار صولتهم ومدى فتكهم.
© 2024 وكالة الصحافة العربية (كتاب ): 9789779917597
تاريخ الإصدار
كتاب : ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٤
عربي
مصر